الفاشية- تعريفها، جذورها، تجلياتها المعاصرة في العالم العربي
المؤلف: صدقة يحيى فاضل10.22.2025

تُعرف "الفاشية" (Fascism) بأنها تيار سياسي وفكري ينبثق غالبًا من أقصى اليمين، حيث يرى الفاشيون ضرورة فرض الحكومة – أيًا كانت – لتوجهها الفكري الخاص وإقصاء جميع التوجهات الأخرى. فالفاشي لا يؤمن بالتداول السلمي للسلطة (الديمقراطية)، بل يسعى للاستئثار المطلق بالسلطة، وفرض توجهه الفكري بالقوة الغاشمة على الجميع، وإقصاء واستبعاد الآخرين من أي مشاركة في السلطة. إنها أيديولوجية ذات نزعة قومية وعنصرية متطرفة، تمجد الدولة بشكل مفرط، وترفض نموذج الدولة والحكومة الديمقراطية الحديثة، وتدعو إلى ديكتاتورية فئة قليلة مؤدلجة.
ظهرت الفاشية، بمعناها المعاصر، في أوروبا خلال العقد الثاني من القرن العشرين، وكانت إيطاليا مهد الفاشية، عندما أسس الزعيم الإيطالي بينيتو موسوليني (1883-1945) وجماعته حكومة ذات طبيعة فاشية، استولت على السلطة بشكل كامل، وقضت على الديمقراطية بعد فترة قصيرة من انتخابها، وألغت التعددية الحزبية والحريات العامة. وبالمثل، استولى الحزب النازي في ألمانيا، بقيادة أدولف هتلر، على السلطة وأسس حكومة فاشية، ملغياً الديمقراطية التي أوصلته إلى السلطة. وتُعتبر هاتان الحكومتان نموذجين كلاسيكيين للفاشية القديمة.
والحقيقة أن الفاشية كانت وما زالت حاضرة في العديد من المجتمعات حتى الآن، وتتجلى في صورة أحزاب سياسية وحكومات، خصوصًا عندما نعرفها بأنها: استئثار جماعة معينة، ذات توجه فكري سياسي محدد، بالسلطة بالقوة القاهرة، وإقصاء كل الآخرين منها، ومحاولة فرض توجهها الفكري السياسي على المجتمع بأسره (الفاشية الجديدة). لذا، فهي نمط مرفوض من قبل الشعوب والمفكرين على حد سواء. ويمكننا فهم الفاشية بشكل أعمق عند استعراض أنواع الحكومات المختلفة.
تصنف تقسيمات الحكومات هذه المؤسسات، بناءً على من يمسك بزمام السلطة، إلى قسمين رئيسيين: الحكومات التمثيلية (الديمقراطية) المنتخبة، والتي تتجسد في ثلاثة نماذج رئيسية: البرلماني، الرئاسي، ونظام الجمعية. أما الحكومات غير التمثيلية، فتنقسم بدورها إلى ثلاثة أنواع: النظام الفردي المطلق، نظام حكم القلة (الأوليغاركية الديكتاتورية)، ونظام مختلط يجمع بين الفردية وحكم القلة.
إذًا، أغلب الحكومات الديكتاتورية، وخاصة حكومات القلة بمختلف أشكالها، هي حكومات فاشية. حيث نجدها عبارة عن نخبة ضيقة (عسكرية، دينية، أرستقراطية... إلخ) تستولي على السلطة في البلاد، وتقمع كل التوجهات السياسية الأخرى، وتسعى لفرض أيديولوجيتها السياسية على كل أفراد المجتمع. إنها ديكتاتورية الأقلية، وتتصف بكل مساوئ الديكتاتورية، بما في ذلك اعتماد النظام على دعم خارجي.
وفي عالمنا العربي، نجد أن أغلب الدول تعج بالتوجهات الفاشية، سواء تجسدت في تنظيمات سياسية أو في أنظمة حكم فاشية. يثير وجودها مشاعر الاشمئزاز والخوف، وأيضاً تساؤلات عميقة. فمعظم هذه التنظيمات لا تهدف إلا إلى القتل والتخريب، ونشر الظلامية على حياة ضحاياها، وتحويل حياتهم إلى جحيم لا يطاق، وذلك باسم الدين، والدين منها براء. لا شيء يشوه صورة الدين الإسلامي الوسطي السمح، ويسيء إلى معتنقيه، أكثر من وجود تنظيم لا يحمل أي هدف إيجابي... بل ينصب جل اهتمامه على القتل والدمار والانتقام والتشفي، وإعادة الزمن إلى عصور مضت. صحيح أن "الواقع" الذي يزعم قادة الفاشيين أنهم انتفضوا لمحاربته وتغييره، يعتريه الكثير من النواقص. ولكن "البديل" الذي يقدمونه يفتقر إلى أي ميزة يمكن الاعتداد بها، بل هو أسوأ بكثير مما يدعون أنهم بصدد إزالته.
لذا، فإن ظهور ونمو وتوسع أي تنظيم تكفيري جهادي، أو ما شابهه (والذي يستخدم غالبًا الإرهاب لتحقيق أهدافه في السيطرة والتسلط) هو أمر سلبي وخطير للغاية. نادرًا ما يظهر تنظيم متمدن، يحمل برنامجًا تنمويًا منطقيًا ومقبولًا، ويسعى للوصول إلى السلطة، أو إلى أكبر قدر ممكن منها، بطرق سليمة وصحيحة... وتحقيق رغبات الناس وتطلعات الأغلبية. لم تنشأ حتى الآن أحزاب سياسية ذات طابع ديني وسطي وعصري... تتنافس فيما بينها على أصوات ورضا الجماهير كما هو الحال في الدول المتقدمة والقوية (الأحزاب المسيحية الديمقراطية على سبيل المثال). حتى أكثر الأحزاب الدينية "الإسلامية" اعتدالًا، يلاحظ عليها الميل إلى الاستئثار بالسلطة بكل السبل المتاحة، وإقصاء كل من يخالفها في الرأي والتوجه. إنها "الفاشية السياسية الإرهابية" التي تنمو وتترعرع في بعض المجتمعات العربية وغيرها.
وغالبًا ما تقف وراء كل تنظيم سياسي إرهابي، جهات معادية للإسلام وللأمة العربية، تعمل على تشجيع أي قول أو فعل يسيء إلى هذا الدين ويزدريه، وتجد في دعم هؤلاء الفاشيين وسيلة لتحقيق أهدافها الخبيثة في الأرض العربية والإسلامية (مثل داعش والقاعدة وغيرهما). لقد ثبت تورط أيادٍ أجنبية معادية للأمة في تأسيس العديد من هذه التنظيمات، على الرغم من تظاهر المتآمرين باتخاذ مواقف عدائية، وأحيانًا عسكرية، ضد هذه التنظيمات!
وفي أغلب الأحيان تنشأ هذه التنظيمات وتنمو في البيئات المضطربة سياسيًا، نتيجة لغياب عوامل الاستقرار السياسي الحقيقي والفعلي... أو ما يمكن تسميته بـ "التخلف السياسي". لذا، نرى أن التنمية السياسية الإيجابية (الإصلاح السياسي) ضرورية لمنع ظهور ونمو هذه التنظيمات. كما لا بد من حركة إصلاح ديني حقيقية، تعيد للإسلام نقاءه، وتطهره من الشوائب الكثيرة التي التصقت به (والتي استُخدمت لضرب الدين نفسه)، وتحمي المسلمين من الوقوع بين فكي كماشة الأعداء، ومطارق الضالين من بني جلدتهم الذين يقودون هذه التنظيمات وأعمالها الإرهابية، ويسعون جاهدين لتدمير الأمة من داخلها.
ظهرت الفاشية، بمعناها المعاصر، في أوروبا خلال العقد الثاني من القرن العشرين، وكانت إيطاليا مهد الفاشية، عندما أسس الزعيم الإيطالي بينيتو موسوليني (1883-1945) وجماعته حكومة ذات طبيعة فاشية، استولت على السلطة بشكل كامل، وقضت على الديمقراطية بعد فترة قصيرة من انتخابها، وألغت التعددية الحزبية والحريات العامة. وبالمثل، استولى الحزب النازي في ألمانيا، بقيادة أدولف هتلر، على السلطة وأسس حكومة فاشية، ملغياً الديمقراطية التي أوصلته إلى السلطة. وتُعتبر هاتان الحكومتان نموذجين كلاسيكيين للفاشية القديمة.
والحقيقة أن الفاشية كانت وما زالت حاضرة في العديد من المجتمعات حتى الآن، وتتجلى في صورة أحزاب سياسية وحكومات، خصوصًا عندما نعرفها بأنها: استئثار جماعة معينة، ذات توجه فكري سياسي محدد، بالسلطة بالقوة القاهرة، وإقصاء كل الآخرين منها، ومحاولة فرض توجهها الفكري السياسي على المجتمع بأسره (الفاشية الجديدة). لذا، فهي نمط مرفوض من قبل الشعوب والمفكرين على حد سواء. ويمكننا فهم الفاشية بشكل أعمق عند استعراض أنواع الحكومات المختلفة.
تصنف تقسيمات الحكومات هذه المؤسسات، بناءً على من يمسك بزمام السلطة، إلى قسمين رئيسيين: الحكومات التمثيلية (الديمقراطية) المنتخبة، والتي تتجسد في ثلاثة نماذج رئيسية: البرلماني، الرئاسي، ونظام الجمعية. أما الحكومات غير التمثيلية، فتنقسم بدورها إلى ثلاثة أنواع: النظام الفردي المطلق، نظام حكم القلة (الأوليغاركية الديكتاتورية)، ونظام مختلط يجمع بين الفردية وحكم القلة.
إذًا، أغلب الحكومات الديكتاتورية، وخاصة حكومات القلة بمختلف أشكالها، هي حكومات فاشية. حيث نجدها عبارة عن نخبة ضيقة (عسكرية، دينية، أرستقراطية... إلخ) تستولي على السلطة في البلاد، وتقمع كل التوجهات السياسية الأخرى، وتسعى لفرض أيديولوجيتها السياسية على كل أفراد المجتمع. إنها ديكتاتورية الأقلية، وتتصف بكل مساوئ الديكتاتورية، بما في ذلك اعتماد النظام على دعم خارجي.
وفي عالمنا العربي، نجد أن أغلب الدول تعج بالتوجهات الفاشية، سواء تجسدت في تنظيمات سياسية أو في أنظمة حكم فاشية. يثير وجودها مشاعر الاشمئزاز والخوف، وأيضاً تساؤلات عميقة. فمعظم هذه التنظيمات لا تهدف إلا إلى القتل والتخريب، ونشر الظلامية على حياة ضحاياها، وتحويل حياتهم إلى جحيم لا يطاق، وذلك باسم الدين، والدين منها براء. لا شيء يشوه صورة الدين الإسلامي الوسطي السمح، ويسيء إلى معتنقيه، أكثر من وجود تنظيم لا يحمل أي هدف إيجابي... بل ينصب جل اهتمامه على القتل والدمار والانتقام والتشفي، وإعادة الزمن إلى عصور مضت. صحيح أن "الواقع" الذي يزعم قادة الفاشيين أنهم انتفضوا لمحاربته وتغييره، يعتريه الكثير من النواقص. ولكن "البديل" الذي يقدمونه يفتقر إلى أي ميزة يمكن الاعتداد بها، بل هو أسوأ بكثير مما يدعون أنهم بصدد إزالته.
لذا، فإن ظهور ونمو وتوسع أي تنظيم تكفيري جهادي، أو ما شابهه (والذي يستخدم غالبًا الإرهاب لتحقيق أهدافه في السيطرة والتسلط) هو أمر سلبي وخطير للغاية. نادرًا ما يظهر تنظيم متمدن، يحمل برنامجًا تنمويًا منطقيًا ومقبولًا، ويسعى للوصول إلى السلطة، أو إلى أكبر قدر ممكن منها، بطرق سليمة وصحيحة... وتحقيق رغبات الناس وتطلعات الأغلبية. لم تنشأ حتى الآن أحزاب سياسية ذات طابع ديني وسطي وعصري... تتنافس فيما بينها على أصوات ورضا الجماهير كما هو الحال في الدول المتقدمة والقوية (الأحزاب المسيحية الديمقراطية على سبيل المثال). حتى أكثر الأحزاب الدينية "الإسلامية" اعتدالًا، يلاحظ عليها الميل إلى الاستئثار بالسلطة بكل السبل المتاحة، وإقصاء كل من يخالفها في الرأي والتوجه. إنها "الفاشية السياسية الإرهابية" التي تنمو وتترعرع في بعض المجتمعات العربية وغيرها.
وغالبًا ما تقف وراء كل تنظيم سياسي إرهابي، جهات معادية للإسلام وللأمة العربية، تعمل على تشجيع أي قول أو فعل يسيء إلى هذا الدين ويزدريه، وتجد في دعم هؤلاء الفاشيين وسيلة لتحقيق أهدافها الخبيثة في الأرض العربية والإسلامية (مثل داعش والقاعدة وغيرهما). لقد ثبت تورط أيادٍ أجنبية معادية للأمة في تأسيس العديد من هذه التنظيمات، على الرغم من تظاهر المتآمرين باتخاذ مواقف عدائية، وأحيانًا عسكرية، ضد هذه التنظيمات!
وفي أغلب الأحيان تنشأ هذه التنظيمات وتنمو في البيئات المضطربة سياسيًا، نتيجة لغياب عوامل الاستقرار السياسي الحقيقي والفعلي... أو ما يمكن تسميته بـ "التخلف السياسي". لذا، نرى أن التنمية السياسية الإيجابية (الإصلاح السياسي) ضرورية لمنع ظهور ونمو هذه التنظيمات. كما لا بد من حركة إصلاح ديني حقيقية، تعيد للإسلام نقاءه، وتطهره من الشوائب الكثيرة التي التصقت به (والتي استُخدمت لضرب الدين نفسه)، وتحمي المسلمين من الوقوع بين فكي كماشة الأعداء، ومطارق الضالين من بني جلدتهم الذين يقودون هذه التنظيمات وأعمالها الإرهابية، ويسعون جاهدين لتدمير الأمة من داخلها.
